Politics

ترسيم الحدود البحرية ينطلق وبارودي لـ”النهار”: الاجتهادات الدولية تساعدنا للحصول على كامل الحقوق

يشهد مقر “اليونيفيل” في الناقورة اليوم إنطلاق الجلسة الافتتاحية للمفاوضات بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي حول الحدود البحرية، والتي يستضيفها المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في حضور الوفدين اللبناني والاسرائيلي. كما يشارك في الجلسة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر على ان ينضم اليها ايضا السفير جون ديروشر، الذي سيكون الوسيط الأميركي لهذه المفاوضات.
بعد انتظار دام اكثر من عشر سنين، ينتظر ان تبدأ مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. وهذا المشهد في حال كتبت له نهاية سعيدة سيستفيد منه لبنان في مجالات اقتصادية ووطنية مختلفة. ولن تكون المفاوضات سهلة بل يمكن وصفها بالصعبة والجادة، هذا ما يؤكده الخبير الدولي في شؤون النفط والغاز رودي بارودي في حديث لـ”النهار”، مشددا على “ضرورة التفاف الجميع حول الوفد اللبناني” الذي يضم  العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيسا، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة ادارة قطاع البترول وسام شباط، والخبير في القانون الدولي نجيب مسيحي الذي يعمل مع قيادة الجيش في المواضيع المتعلقة بالخرائط. المطلوب هو تأمين الدعم الكامل للجيش اللبناني في هذه المفاوضات، خصوصا ان التوصل الى اتفاق سيكون انتصارا لكل اللبنانيين كونه يؤدي حتما الى تسريع الاستفادة من الثروات النفطية والغازية الكامنة في عمق البحر، كما يسهل التفاوض مع الجانب القبرصي للتوصل إلى اتفاق نهائي معه أيضا. ويعتبر بارودي ان “الجهود التي بذلها رئيس مجلس النواب نبيه بري طوال السنوات الماضية لوضع اطار صلب للمفاوضات هو جهد اساسي وله اثر ايجابي على لبنان، وبالتالي فإن اي جدل حول ما قام به الرئيس بري لن يساعد في المفاوضات بل على العكس سوف يحرم لبنان اوراقا رابحة هو بأمسّ الحاجة اليها”.
ويضيف ان “الحل السلمي سواء عبر المفاوضات المباشرة او غير المباشرة، كما هي الحال بين لبنان واسرائيل، للنزاعات الحدودية البحرية يساعد البلدان الساحلية على الاستفادة من الموارد البحرية”،لافتا إلى أن “أدوات الحل بسيطة ومتاحة بسهولة وهنالك سوابق واجتهادات كثيرة تدل على ذلك”. ويشير الى دور للولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال، ويقول إنه “نظرا الى حال الحرب بين لبنان واسرائيل لعبت الادارة الاميركية دورا كبيرا طوال السنوات الماضية لوضع اطار ناجح ومفيد للبدء بالمفاوضات، خصوصا انها الدولة الوحيدة التي تستطيع ان تكون صلة وصل بين الطرفين”، مشددا على الدور الأساسي للأمم المتحدة، ومعتبرا أنه “في المسائل المشابهة تتبنى الحكومات المعنية بشكل كلي المبدأ الأساسي للأمم المتحدة والنظام الدولي برمته والذي تم العمل عليه منذ الحرب العالمية الثانية: أي الحل السلمي للنزاعات. بمجرد اقرار هذا المبدأ سيكون هناك مزيج منطقي من القانون والعلوم والتكنولوجيا يجعل ترسيم الحدود ولا سيما منها البحرية عملية بسيطة وسهلة يستفيد منها جميع الأطراف. فاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وتأثيرها المتزايد جعل من قواعدها ومعاييرها أساسا لجميع المفاوضات والاتفاقات البحرية، كما ان التقدم الذي أحرز أخيرا في مجال العلم والتكنولوجيا لا سيما مجال رسم الخرائط الدقيقة، وسع نطاق المبادئ التوجيهية لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لايجاد تسوية للمنازعات التي تستند إليها”. وفي هذا السياق، يؤكد بارودي انه “عند اتباع الدول الساحلية المبادئ والممارسات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فعليها ان تلتزم  أيضا قواعد وأنظمة محددة وان تستند إلى الجوانب العلمية والقانونية لتنفيذ هذه الإجراءات بموجب المبادئ التوجيهية الرسمية المحددة من قِبل الأمم المتحدة”.
تفاصيل تقنية…
انطلاقا من هذا الواقع وبالعودة الى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، يلاحظ بارودي ان لبنان “اعتمد من اجل البدء بالترسيم 61 مترا في البحر بدءا من نقطة رأس الناقورة، بينما اعتمدت اسرائيل 37 مترا في البحر، فعلميا كلاهما أخطأ في البدء بالترسيم من خط بحري offshore اذ عليهما اعتماد خط الناقورة البري ( LT) الفاصل بين البلدين”.  وفي حال رفضت اسرائيل الاعتراف بحقوق لبنان فان الاجتهادات الدولية تعطي لبنان حقه الكامل، خصوصا اذا ما اعتمد الوفد المفاوض على النقاط الآتية:
القضايا المماثلة في التجارب السابقة التي ارتكزت على القانون الدولي، وتؤكد ان لبنان سيُمنحُ معظم حقوقه، ومن القضايا التي اصدرت محكمة العدل الدولية أحكاما بها:
قرار محكمة العدل الدولية في قضية ميانمار ضد بنغلادش (12 آذار 2012).
قرار محكمة العدل الدولية في قضية ليبيا ضد تونس (24 شباط 1982).
قرار محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا ضد هندوراس (8 تشرين الاول 2007).
مما لا شك فيه ان هذه الاجتهادات تعطي الجيش اللبناني الحجة القانونية والحق الكامل للمطالبة بترسيم الحدود البحرية وفقا للمصالح والحقوق اللبنانية”.
ومن المؤكد أن القرارات لا تقيم وزنا للجزر الصغيرة في أي معادلة، ولا تعتبر قادرة على دفع او ازاحة أي خط بحري واحد مقابل الخط الآخر وفقا لاجتهادات محكمة العدل الدولية، فكما هو واضح في الخريطة المرفقة، فإن الصخور والجزر الصغيرة لا تؤخذ في الاعتبار عند ترسيم الحدود، بحسب بارودي، وهذا ما اكده ايضا بيان لقيادة الجيش بان المفاوضات لن تعطي اهمية لهذه الصخور من اجل ترسيم الحدود. أما الخط المشترك الجانبي الذي لدى لبنان مع إسرائيل ويقارب71 ميلا بحريا، فبمجرد أن ينتهي النزاع الحدودي البحري مع إسرائيل، سيتعزز تلقائيًا موقف لبنان لناحية توقيع اتفاق نهائي لترسيم الحدود بين لبنان وقبرص والتي تبلغ حوالى 96 ميلًا بحريًا، وبين لبنان وسوريا.
يؤكد بارودي في حديثه ان ترسيم الحدود اللبنانية “سيعزز فرص لبنان الاقتصادية، اذ ان الاكتشافات الأخيرة اكدت وجود كميات كبيرة من النفط والغاز، أما في حال عدم اعتماد الحل العادل والمنصف فسوف يؤدي ذلك  ليس إلى إبطاء تنمية الموارد فحسب، بل سيزيد خطر وقوع حرب نحن في غنى عنها”. وفي توضيحه لمنافع نجاح الترسيم واستغلال الثروات يقول: “ان الدول التي ستنتج الغاز ستعرف عائدات كبيرة من الإنتاج والصادرات، وحتى الدول غير المنتجة ستستفيد من استضافة مرافق المعالجة أو النقل، وفي أفضل السيناريوات، قد تنضم البلدان الأكثر حظًا إلى خطة إقليمية لتقاسم العائدات، وستسمح هذه التحسينات المالية باستثمارات طال انتظارها في التعليم والرعاية الصحية والنقل والبيئة والمياه النظيفة والحد من الفقر اضافة الى استقرار سياسي”.
ويتمنى بارودي النجاح للوفد المفاوض وأن يعيد الى لبنان حقوقه المعترف بها دوليا، خصوصا ان الوضع الاقتصادي الضاغط على اللبنانيين قد يعرف تحولا ايجابيا في حال استطاع لبنان ترسيم حدوده واقناع شركات النفط العالمية بانه بات يؤمّن بيئة آمنة لكي تتمكن من العمل واستكشاف ثرواته النفطية البحرية كما هي حال معظم الدول المجاورة.
maurice.matta@annahar.com.lb
Twitter: @mauricemattta
image_pdfimage_print
Print Friendly, PDF & Email