lebanonMaritime DisputesRoudi Baroudi

هوكشتاين إلى بيروت الثلثاء حاملاً «مقاربة» تعيد إحياء مفاوضات الترسيم… لبنان ينتظر «الاقتراحات»

-02-2022  – موريس متى

يصل الى بيروت الثلثاء المقبل المنسق الاميركي لشؤون الطاقة الدولية والوسيط في موضوع #ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين آتيا من تل أبيب وفي جعبته تصور لكيفية إعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود، فيما تشير المعلومات الى إمكان ان يحمل هوكشتاين للجانب اللبناني ردا رسميا إسرائيليا على الشروط اللبنانية التي تعيد الوفد اللبناني الى طاولة المفاوضات.

تتعدد الروايات والتحليلات لما قد يحمله المفاوض الاميركي معه الى بيروت، في حين تشير المعلومات الى امكان ان يقترح الابقاء على الخط 23 وإسقاط الخط 29 والتأكيد على حق لبنان بمساحة الـ 860 كلم2 المتنازع عليها، شرط التأكيد على ملكية إسرائيل لحقل «كاريش» على ان يكون حقل «قانا» من حصة لبنان. ولكن، في حال صدقت هذه التوقعات، نكون قد انتقلنا من حل «علمي» لترسيم الحدود الى حل «سياسي» يسقط الخطوط المقترحة لكون جزء من حقل «قانا»، الذي تقدّر احتياطاته بمليارات الدولارات، وقد يصل حجم ثرواته إلى ضعفَي حقل «كاريش»، وثلثا هذا الحقل موجودان في البلوك الرقم 9 اللبناني، أما الثلث المتبقي فموجود مباشرة تحت الخط 23. وحتى مع اعتماد الخط 23 والابقاء على مساحة الـ 860 كلم2 لمصلحة لبنان، فان أي حل لا يحفظ كل حقل «قانا» لمصلحة لبنان لن ترضى به بيروت. ويبدو ان الجانب الاسرائيلي هو الاكثر «إستعجالا» للإنتهاء من ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، حيث تترقب إسرائيل وصول باخرة التنقيب في آذار المقبل لبدء العمل في حقول «تانين» و»كاريش نورث» و»كاريش ساوث»، مع الاشارة الى ان كل حقل «كاريش نورث» يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، في حين ان ما بين 5% الى 10% من حقل «كاريش ساوث» يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها. وفي أحدث التطورات المتعلقة بسعي إسرائيل للإسراع في بدء العمل على هذه الحقول، وبعد أيام من اعلان وزير الطاقة الإسرائيلي تمنياته باستئناف المفاوضات الحدودية مع لبنان بوساطة أميركية قريبا، توقّع شركة «إنرجين» اليونانية التي تعمل على حقول غاز «كاريش» و»كاريش الشمالي» و»تانين» قبالة السواحل الاسرائيلية، عقد بدء استخراج الغاز من حقل «كاريش» بحلول الربع الثالث من العام الحالي مع استخدام سفينة FPSO التي بنتها شركة Sembcorp Marine في سنغافورة بكلفة مليار دولار، على ان تبحر هذه السفينة نحو الشواطئ الاسرائيلية في الأشهر المقبلة وتحتاج الى 35 يوما للوصول الى النقطة المتفق عليها في البحر، والى 3 اشهر بعد تاريخ الوصول لبدء مهمتها. وفي تشرين الثاني الفائت، أكدت شركة «إنرجين» ان موعد إنتاج الغاز من حقل «كاريش» يبقى في النصف الثاني من العام 2022 بعدما توقعت الشركة في العام 2018 ان تبدأ عملية استخراج الغاز من حقل «كاريش» في الربع الاول من العام 2021، لكن الظروف لم تصبّ في مصلحة تل ابيب لناحية الالتزام بالوقت المحدد نتيجة الخلافات السياسية الداخلية وازمة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، اضافة الى جائحة كورونا وغيرها.

 

وفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي لشركة «إنرجين» ماتيوس ريغاس ان سفينة FPSO ستكون جاهزة للإبحار نحو المياه الاسرائيلية في نهاية آذار المقبل، على ان تعمل في حقل «كاريش» ولتبدأ عملية استخراج الغاز في الربع الثالث من العام الحالي لتنتقل بعدها الى حقل (NEA/NI) المصري.

الخبير الدولي في شؤون الطاقة رودي بارودي يرحب بأي وساطة من الولايات المتحدة لإعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، معتبرا انها «بالتأكيد موضع ترحيب كبير إقليميا ودوليا وذلك للمضي قدمًا بشكل تدريجي في التوصل إلى حلول عادلة ومنصفة للنزاع بين إسرائيل ولبنان في شأن مسألة ترسيم الحدود». ويعود بارودي ليذكّر بما ورد في إحدى الدراسات من حيث الاخطاء التي ارتكبها لبنان لناحية إعطاء الإحداثيات البحرية في العام 2010، اضافة الى الاحداثيات البحرية الخاطئة التي أعطتها إسرائيل للأمم المتحدة في العام 2011، إذ تبين أن لبنان بدأ على مسافة 64 مترًا تقريبًا من نقطة الحدود عند نهاية البر(LTP) في حين ان إسرائيل بدأت على مسافة نحو 32 مترًا من الشاطئ عند نقطة رأس الناقورة المتفق عليها، ومن هنا لا يستبعد بارودي ان تجبر أي محكمة دولية أو الأمم المتحدة كلاً من لبنان وإسرائيل على الالتزام بإعادة النظر في هذا الخطأ وتصحيحه في حال لجأ اي من الطرفين الى الادعاء امام إحدى المحاكم الدولية او تقديم شكوى امام الامم المتحدة رفضاً لأي حل قد يُعتبر غير عادل. ومن أوجه التناقض الجوهرية أن النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) لم يكن موجوداً في الفترة ما بين 2010 و2011، أما حاليا ومع خدمات تصوير الأقمار الاصطناعية العالي الجودة، يمكن كلا البلدين إصلاح الاحداثيات البحرية الخاطئة في غضون أيام. وفي دراساته المختلفة في شرق البحر المتوسط، يؤكد بارودي وجود حقل غاز متداخل يقع بالقرب من حقل «ألون – د» الإسرائيلي اي البلوك 72 الذي يمكن أن يمتد إلى المياه الإقليمية اللبنانية، فيما يمكن التعامل مع هذا الحقل مثل أي حقل آخر في العالم من خلال ما يُعرف بـ»اتفاقية التنمية المشتركة». وقد اختارت شركة «توتال» الفرنسية عند تحديد نقطة الحفر في البلوك 9، نقطة تبعد 25 كلم عن حقل «قانا» لعدم الدخول في أي نزاعات قضائية. وفي هذا الإطار يؤكد رودي إمكان ان يبدأ تحالف شركات «توتال – إيني – نوفاتك» بالحفر الاستكشافي الخاص بها على مسافة 10-15 كلم شمال المنطقة المتنازع عليها، كما تفعل في البلدان الأخرى حول العالم وتحديداً ما هو حاصل حاليا في قبرص.

إسرائيل إحتجت في رسالة وجهها في الاسابيع الأخيرة رئيس بعثتها في الأمم المتحدة الى الأمين العام أنطونيو غوتيريس يبدي فيها اعتراض تل ابيب على فتح لبنان دورة تراخيص هي الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية، إذ يعتبر الجانب الاسرائيلي ان دورة التراخيص الثانية تمتد الى «المياه الاسرائيلية»، أي الى مساحة الـ860 كلم مربعا المتنازع عليها بين الجانبين، وجددت بالتالي تمسكها بهذه المساحة ما بين الخط 1 والخط 23. وحذرت تل أبيب شركات التنقيب عن النفط من القيام بأي أعمال استكشاف أو تنقيب لمصلحة لبنان في هذه المنطقة، لتعود الى الواجهة التساؤلات حول تأخر وزارة الخارجية اللبنانية في توجيه كتاب الى الأمانة العامة للأمم المتحدة للإعتراض على الرسالة الاسرائيلية والتأكيد على تمسّك لبنان بالخطّ 29 وبالمفاوضات غير المباشرة لربط النزاع مجددا مع الجانب الاسرائيلي، خصوصا ان لبنان لم يقر بعد تعديل المرسوم 6433، ولكن يبدو انه قرر «المهادنة» في انتظار ما سيحمله المفاوض الاميركي في جعبته الى بيروت.

image_pdfimage_print
Print Friendly, PDF & Email